"لا روحنا ولا جينا,ياالله رجعوا مصارينا".بهذه ألأنشودة وصلت حافلتنا الى المدخل الرئيسي للمدرسة.تتخللها بعض الضحكات البريئة,لقد أنتهى يوم حافل وغابت شمسه,وبدأالليل يرخى ستائره.نعم لقد وصلنا فلتتقدم كل طالبة بالنزول من الحافلة حسب الكشف ألذي تحمله إحدي الزميلات,ولنتفقد كل واحدةعند نزولها.
انتهي الجميع وكنت أراقب بعضهن يركبن السيارات مع ذويهن,وهناك من جاء يرافقهن مشيا على الأقدام.لم أتحرك من مكاني حتىفرغ المكان من الجميع.طلبت من الحارس حمل صندوق ألإسعافات ألأولية,والأعلام,واللافتات التي تبين اتجاه ومسار الرحلة,دخل بها الحارس الي ألإدارة وكنت أتبعه بخطوات ثقيلة ترافقني إحدى المعلمات.لقد انتهي يوم جميل مليء بالمشقة والتعب,ولكن هذه هي حالنا في هذا الفصل فلا بد من إلحاح الجميع للقيام بهذه الرحلات .
وكعادتي جلست بما لا يقل عن نصف ساعة في الإدارة تحسبا لاي مكالمة هاتفية,وليكتمل إطمئناني على الطالبات,لقد أنهكت قواي وقاربت المدة على الإنتهاء,وبدأت أشعر بقشعريرة تسري في جسدي,لقد آن ألأوان لعودتي الي بيتي وأولادي.واذ بي بصوت مزمجر يخدش مسامعي,"رحلات أخر زمن...صارت الدنيا نص الليل".نعم بهذه الكلمات دخل رجل ضخم الجثة ,عظيم المنكبين.من هناك يا أبا محمد؟ أنه والد الطالبة هناء ,تذكرته لقد راجعني عدة مرات بشأن ابنته,وكانت برفقته زوجته التي لا تكاد تصل الى كتفيه لضخامته وهي امرأة في منتهي الرقة,كان دوما يتفقد ويسأل عن سلوك ابنته ومستواها الدراسي التحصيلي أنها من المتفوقات المتميزات في صفها,فاجأني بسؤاله أين ابنتي هناء؟ لقد كنت طوال الوقت بينهن ولم أشاهدها,لن أعتمدعلى ذاكرتي لا بد لي من إخراج الكشوفات الخاصة بأسماء طالبات الرحلة أيقنت الأن هناء لم تكن معنا !
لقد شد انتباهي ان الرجل لم يلق بالتحية ولكنني بادرته وقلت:وعليك السلام ورحمة الله وبركاته استرح وهو يكرر السؤال,قلت:نعم سأتحقق فيمااذ ما وصلت من ضمن طالبات الحافلة الأولي.في الحقيقة لم تكن هناك الا حافلة واحدة ولكنني على معرفة بهذا الرجل ومدى قسوته في تربية بناته فلا بد لي من التصرف بحنكة وبسرعة.أخرجت الكشوفات وبدأت أطيل النظرفيهافلقد وصلتني معلومات وملاحظات من المرشدة التربويةعن والد هناء وكانت تراجع المرشدة الأجتماعية باستمرار وبدات في الأونة الأخيرة تتعلق بشاب يسمعها كلامه المعسول,وأحيانا كانت تتأخر عن الدوام المدرسي ولكن ما يشفع لها اجتهادها وأخلاقها.لم أطل التفكير واذ بالحارس يقول:عفوايا أستاذة دقيقة واحدة من فضلك,خرجت مسرعة وكأنه جاء في الوقت المناسب لإخراجي من هذا الموقف المتأزم.ما هناك؟فهمس لي هناء في باحة المدرسة.